الجزء الثاني من قصة ثلج اوراسي
أجل اتصلت بعماد لأواسيه وأرفع من معنوياته ،وكاعتراف بجميله ومحاولة مني لرد معروفه ولو بكلمات...
أعلمته أني غادرت المجموعة ،فما استحسن الأمر، ونصحني بالبقاء للاستفادة، وإكمال ما تبقى حتى أصل الى مبتغاي الذي هو إتقان اللغة الانجليزية ،لكنني رفضت.... بعد حديثنا الذي لم يطل... خطرت ببالي فكرة فتحه لمجموعة جديدة ،ودون تريث أو تخمين اقترحت عليه ذلك ،وكان رده بالايجاب شرط منحه بعض الوقت ،وانقطع التواصل بيننا..
بعد أيام وصلتني رسالته، وكان فحواها أنه لبى طلبي وفتح مجموعة جديدة، ودعاني أليها ...سررت لذلك كثيرا و استرسلنا في حديث أخبرني فيه أن المجموعة جعلها باسمي لانها فكرتي.. كانت المجموعة حديثة النشأة وليس فيها غيرنا وعضوين نادرا مايشاركان.. مما جعلها فضاءا لحواراتنا الطويلة المتشعبة التي لاحدود لها ، ونمت الألفة بيننا، فكنا نخوض في كل الامور بعفوية حتى انه نعتني يوما بالمجنونة ..
اغتظت من هذا اللقب لكني لم أفصح عن ذلك ..أدرك هو الأمر وراح يفسر موضع الكلمة على انها تقال لمن يحظون بمعزة وتعجبه عفويتهم وروح فكاهتهم ،فهمت ذلك وأسعدني وبعث في نفسي لهفة وشوقا للتعرف عليه أكثر فأكثر، فبادرت بتعريف نفسي على أنني إسراء العراقية البغدادية مفصحة عن عمري و شخصيتي واهتماماتي وعن مستواي التعليمي ،أردف بعد كلامي: -"أناعماد الجزائري الآمازيغي نعم أنا أمازيغي ولست بعربي!!!" كانت لجملته هذه وقع الصفعة علي أو كوخز إبرة في قلبي....
وتساءلت في سري أليست الجزائر عربية ؟؟
لكن واصل حديثه يعرف بالامازيغ ويروي تاريخهم العريق، وحضارتهم وبطولاتهم ،وأبطالهم... كان يأخذني في سرده لعالم كنت أجهله، لشعوب لا علم لي بها ...
ومضى من نشأتهم وأثرهم في العالم العربي، إلى إسلامهم الى ثقافتهم ولهجاتهم و عاداتهم وتقاليدهم ومناطقهم في الجزائر، معرجا على شخصياتهم التاريخية ...
أبهرني ماذكر عنهم ، وغدوت شغوفة لمعرفة المزيد عنهم ، وأعجبت بهم بل أحببتهم مما اضطرني للبحث أكثر فأكثر عنهم .. فعرفت تأريخهم الامازيغي وحتى حروفهم وأرقامهم بل أصبحت أكتب بعض الكلمات والجمل بلغتهم ،أحببت لباسهم و زيهم المميز ، أتقنت تحضير أطباق مأكولاتهم وأكثر من هذا اخذوا جل اهتمامي اندمجت معهم غدوت انطق لهجتهم وكل من سمعني او قرأ كلامي يجزم أني جزائرية...
تغلغل عماد وشعبه في وجداني واستوطنوا عقلي وافكاري وغدا قلبي ينبض بذكراهم ...
اقتحمني هذا الامازيغي وجعل لي وجودا جديدا غير وجودي ،بت متعلقة به، بت موجودة به وأحيا به بل أصبح كل شيء بالنسبة لي، عشقت حرفه وكلمته ، وأدمنت صوته وضحكته ،أصبح عالمي الوردي وأنسي الأبدي... فابتسامتي وقهقهتي وسعادتي مقترنة به ،وإن استاء عماد من شيء تكسف شمسي ويخسف قمري، ويضيق صدري، ويصبح النعيم جحيمي ،فقد أصبحت أرى به وأتنفس منه لا بل صار هو أنا....
لم يعد بمقدوري الاستغناء عنه لثوان، وكنا نتحدث ونضحك ونتيه في سعادة في أكثر يومنا عدا وقت النوم إن تعبنا اصبحنا نعيش حلمنا اصبح لايعنينا ما حولنا ...
أكثر من هذا آمنت و تيقنت اننا لبعضنا ...
ولا استسيغ و أكفر بفراقنا ..
خلاصة حبي لعماد وتعلقي به وعشقي له لا ولن يضاهيه حب وعشق ما دبت الحياة وما دام الكون موجود..
عمادي خارق ،عمادي فريد، عمادي ليس له كفؤ ليس له ند عمادي اسطورة الوجود...
تمر الايام سريعا وينمو حبنا ويكبر و تكبر أحلامنا معه و نحن على هذا الحال....
واذا بعماد يختفي فجأة ، اضطربت وتعكر مزاجي ،تغلغل الحزن الى قلبي ،وما عدت اطيق صبرا ،وزاد قلقي ،انعدم ذوقي لكل ماحولي ،وتتزاحم الاحتمالات في ذهني...
مرت ثلاثة أيام عن اختفاء عماد وكانها ثلاث سنين أوأكثر ...نفذ بعدها صبري وكدت أجن ،وقررت السؤال عنه ،اتصلت بصديقة لنا اسألها عنه ،لكنها ما علمت شيئا ،احترت وعظم بلائي ،تملكني الخوف والذعر ،بل عجزت حتى عن التفكير. بينما انا هكذا واذا بصديقتي التي تقصيتها عنه تتصل بي ودون اي مقدمات زفت الي خبر ظهوره وعودته، غمرني فرح وضحكت مقهقهة وفضح امري امامها، انتهى الاتصال فسجدت احمد ربي وانقلب حالي الى عكس ماكان عليه، ثم اتصل بي عماد وهاهو يسأل عن احوالي ،لا اراديا رحت اعاتبه عن غيابه المفاجئ ، ضحك فرحا وتعهد انه لن يعيدها ثانية وانه لم يكن يعلم ان هناك من يهتم لامره ويقلق لغيابه،وقد كان في سفر طارئ ، استرسلنا كالعادة في حديث يطول ...
حتى ذلك اليوم الذي أخبرتني فيه فتاة كانت معنا انها معجبة بعماد وستبذل ما بوسعها لتصل اليه ،كانت كلماتها تمزق قلبي ،وتحرق كل أحلامي ،وتعثو فسادا في ورود أمل غرستها في ارض جوارحي المقدسة ..
أحسست بسقوط مملكتي وضياع سلطتي وهيمنتي ، وبصعوبة تلملمت بعد تشتت مستندة على عزة نفسي وكبريائي وتيقنت انه بات علي ان اخبره وسيكون الامر هو الفاصل في علاقتنا ...وله أن يختار ان نمضي قدما ام أنزل تدميرا على كل ما بنيته وأجر وجعي حاملة نعش حبي وامضي ...
وفعلا أخبرته مساءا............
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق